top of page

عمرو بن كلثوم

مقدمة

عمرو بن كلثوم بن مالك بن عتّاب، أبو الأسود (توفي 39 ق.هـ/584م)، من بني تغلب. شاعر جاهلي، من الطبقة الأولى، ولد في شمالي جزيرة العرب في بلاد ربيعة وتجوّل فيها وفي الشام والعراق ونجد. أمه هي ليلى بنت المهلهل بن ربيعة. كان من أعز الناس نفساً، وهو من الفتاك الشجعان، وسادة قومه. أشهر شعره معلقته التي مطلعها «ألا هبي بصحنك فاصبحينا»، يُقال: إنها في نحو ألف بيت وإنما بقي منها ما حفظه الرواة، وفيها من الفخر والحماسة العجب، مات في الجزيرة الفراتية.

 

حياته

هو عمرو بن كلثوم بن مالك بن عَتّاب، أبو الأسْوَد، وقيل: أبو عُمير وأبو عباد، التغلبي. شاعر جاهلي قديم معمَّر، يُعدّ من مشاهيرهم لِمَا ارتبط باسمه من أمور عظيمة؛ منها (المعلقة)، ومنها قتْلُه ملك الحيرة، وفروسيتُه، وغير ذلك. وهو شاعر قبيلة تغلب وسيّدها وفارسها. ينتمي إلى بيت عزٍّ وسيادةٍ وشِعر؛ فأبوه كلثوم كان من «أفرس العرب»، وأمه ليلى بنت مهلهل بن ربيعة فارس حرب البسوس، وأخوه مُرّة قاتل المنذر بن النعمان، وابناه الأسود وعباد سيدان وشاعران. ولذلك قال عنه القدماء: «من قدماء الشعراء وأعزهم نفساً وحسباً وأكثرهم امتناعاً».

 

يصعب تحديد زمن ولادته بِدقة، كما هي الحال عند جميع الشعراء الجاهليين، وثمة قصة تُروى حول ولادته وولادة أمه، إذ أراد أبوها مهلهل أن يقتلها لكرهه أن يكون له بنت، ثم رأى رؤيا تُنبئ أنْ سيكون من نسلها ولد يسود قومه، فأبقى عليها، ولما تزوجت رأت أيضاً رؤيا تؤكد رؤيا أبيها، فأنجبت عمراً الذي ساد قومه صغيراً.

 

كانت نشأة عمرو في بيت سيادة، فربي على الأنفَة والعز والكرامة وطيب، مما خوّله أن يسود قومه صغيراً كما قيل. وتزوج ابنة ثوير بن هلال النمري، فقد أشار إليها في قوله:

بكَرَتْ تعذلني وسْط الحلال                                       سَفَهاً بنتُ ثوير بن هلال

وتذكر الأخبار أن له ثلاثة بنين: هم الأسود وعبد الله وعباد، وابنة اسمها نَوَار، وابنها شَبِيب بن جُعيل التغلبي الشاعر. ورث أبناء عمرو المجد والسيادة والشاعرية من أبيهم، واستمر عقبه بعد الإسلام، فمن أحفاده كلثوم بن عمرو العتابي الشاعر، ومالك بن طوق التغلبي الذي تُنسب إليه «رحبة مالك» في بلاد الشام قرب الرقة.

 

يُعدّ عمرو بن كلثوم من فرسان تغلب والعرب، حمل راية قومه في عدد من الأيام (المعارك) منها: يوم خَوّ على بني فزارة، ويوم وادي الأخرمين على بني صُدَاء من مَذْحِج، ويوم نَطاع على بني سعد من تميم، وهو الذي قتل ملك الحِيرة عمرو بن هند في القصة المشهورة، وإن هذه المنزلة العظيمة له جعلته لايمدح أحداً من الملوك، ولم يرضَ لقومه أن يكونوا تابعين لأحد، و«كانت الملوك تبعث إليه بحبائه وهو في منزله من غير أن يَفد إليها».

 

عاش عمرو زمناً طويلاً، وقيل إنه عاش مئة وخمسين عاماً، ويبدو أن هذا غير دقيق، ويُرجح أنه مات في أواخر القرن السادس للميلاد، ويذكرون أنه لما كبر ساد ابنُه الأسود قومَه.

 

وما من شك أن عَمراً كان على الوثنية كمعظم الجاهليين، وحاول بعض الدارسين أن يجعلوهُ نَصرانياً بلا دليل.

 

عِزته وفتكته

كان من أعزّ الناس نَفْساً، وهو من الفُتاك الشجعان، ساد تغلب، وهو فتىً وعمّر طويلاً. هو قاتل الملك عمرو بن هند ملك المناذرة. وذلك أن أم عمرو بن هند ادعت يوماً أنها أشرف نساء العرب فهي بنت ملوك الحيرة وزوجة ملك وأم ملك فقالت إحدى جليساتها: «ليلى بنت المهلهل أشرف منك فعمها الملك كليب وأبوها الزير سالم المهلهل سادة العرب وزوجها كلثوم بن مالك أفرس العرب وولدها عمرو بن كلثوم سيد قومه» فأجابتها: « لأجعلنها خادمةً لي». ثُم طلبت من ابنها عمرو بن هند أن يدعو عمرو بن كلثوم وأمه لزيارتهم فكان ذلك. وأثناءالضيافة حاولت أم الملك أن تنفذ نذرها فأشارت إلى جفنة على الطاولة وقالت « يا ليلي ناوليني تلك الجفنه» فأجابتها: لتقم صاحبة الحاجة إلى حاجتها» فلما ألحت عليها صرخت: «واذلاه» فسمعها ابنها عمرو بن كلثوم وكان جالساً مع عمرو بن هند في حجرة مجاورة فقام إلى سيف معلق وقتله به ثم أمر رجاله خارج القصر فقاموا بنهبه.

 

شعره

يُعدّ من فحول الشعراء الجاهليين، وإن لم يكن في المقدمة، ومع ذلك لم يكن مُكثراً من قول الشعر، وقد جُمع شعره قديماً إلا أنه لم يصل إلينا، ثم جُمع حديثاً وطُبع طبعات عدة، واحدة منها محققة تحقيقاً علمياً.

 

ولعل أهم ما في شعره قصيدته التي هي إحدى المعلقات السبع ومطلعها:

ألا هُبّي بصَحنِكِ فَاصْبَحِينا                                       ولا تُبقي خُمُورَ الأندريـنا

 

وقد ارتبطت هذه المعلقة بقصة قتْلِه عمرو بن هند. وقد حظي شعرهُ بإعجاب القدماء، فقيل قديماً: «لله درّ ابن كلثوم أي حِلْس شعرٍ ووعاء علمٍ لو أنه رغب فيما رغب فيه أصحابُه! وإن واحدته لأجود سبعتهم قصيدة»، وقال عنه الكُمَيت الشاعر: «عمرو بن كلثوم أشعر الناس».

 

ويندر غَرَضا المدحِ والغزل في شعره، ويشيع فيه الفخر والحماسة والتهديد والوعيد، من ذلك ما جاء في معلقته، وقوله أيضاً متوعداً ملك الغساسنة:

ألا فاعلم أبيتَ اللعن أنّا                                             لى عَمْد سنأتي ما نريد

تعلّم أن مَحملنـا ثقيـلٌ                                                وأن زنادَ كَبَّـتنا شديـد

وأنّا ليس حيٌّ من مَعَـدّ                                              يوازينا إذا لُبس الحديـد

 

يتسم شعره بالسهولة والوضوح والبعد عن الغريب، وغلب عليه المقطعات، فليس في ديوانه قصيدة مكتملة إلا المعلقة، ولعل هذا مما يفسر سهولة شعره.

 

أجمل أبياته الشعرية

مُشَعْشَعَةً كَأَنَّ الحُصَّ فِيْهَـا                                         إِذَا مَا المَاءَ خَالَطَهَا سَخِيْنَا

تَجُوْرُ بِذِي اللَّبَانَةِ عَنْ هَـوَاهُ                                       إِذَا مَا ذَاقَهَـا حَتَّـى يَلِيْنَا

تَرَى اللَّحِزَ الشَّحِيْحَ إِذَا أُمِرَّتْ                                    عَلَيْـهِ لِمَـالِهِ فِيْهَـا مُهِيْنَا

صَبَنْتِ الكَأْسَ عَنَّا أُمَّ عَمْـرٍوٍ                                      وَكَانَ الكَأْسُ مَجْرَاهَا اليَمِيْنَا

وَمَا شَـرُّ الثَّـلاَثَةِ أُمَّ عَمْـرٍو                                        بِصَاحِبِكِ الذِي لاَ تَصْبَحِيْنَا

وَكَأْسٍ قَدْ شَـرِبْتُ بِبَعْلَبَـكٍّ                                          وَأُخْرَى فِي دِمَشْقَ وَقَاصرِيْنَا

قِفِـي قَبْلَ التَّفَرُّقِ يَا ظَعِيْنـَا                                         نُخَبِّـرْكِ اليَقِيْـنَ وَتُخْبِرِيْنَا

قِفِي نَسْأَلْكِ هَلْ أَحْدَثْتِ صَرْماً                                    لِوَشْكِ البَيْنِ أَمْ خُنْتِ الأَمِيْنَا

بِيَـوْمِ كَرِيْهَةٍ ضَرْباً وَطَعْنـاً                                        أَقَـرَّ بِـهِ مَوَالِيْـكِ العُيُوْنَا

وَأنَّ غَـداً وَأنَّ اليَـوْمَ رَهْـنٌ                                         وَبَعْـدَ غَـدٍ بِمَا لاَ تَعْلَمِيْنَا

bottom of page