top of page

صالح جودت

حياته

وُلد صالح جودت في 12 ديسمبر عام 1912، القاهرة. كان جدّه جودت باشا (1813 - 1894) أديباً وسياسيًّا تركيا مُحنكاً، وكان وزيرًا بالدولة العثمانية وينشر مؤلفاتِهِ بالتركية والعربية والفارسية، أما ابنه إسماعيل فقد نشأ ثائرًا ولعب دورًا بارزًا في مقاومة السلطات التركية فتعرضَ للاضطهاد والتّشريد ففرّ إلى مصرَ ولم يلبث أن أحبها وأحب المصريين وراحَ يمارس هوايتـه في الثورة والكفاح من أجل حريَّةِ مصرَ وعزتها، ويكفي أن نعلم أنهُ كان واحدًا من أبرز رجال الثورة العربية، وطورد وتم القبض عليه ومحاكمته وصدرَ الحكم بنفيه إلى السودان لمدة ثلاثةِ أعوام، لكنهم ارتابوا من وجوده بالسودان خشية أن يمارس دوره هناك في إثارةِ الناس ضِدَّ الخديوي والأتراك والإنجلي، فأعيدَ ترحيله إلى تركيا (بلده الأول)، وهناك أنجب ابنه كمال الدين عام 1882، وبعد أربعة عشر عامًا لم يجد إسماعيل مفرًّا من العودة إلى مصر، فعادَ عام 1896 وفي صحبته ابنه اليافع الذي تشربَ الثورة وحُب مصر من أبيه، راحَ إسماعيل يشتغل بالمحاماة، ولأنه يمتلك مكتبةً منزليةً تزخرُ بأمهات الكُتبِ في الأدبِ والتاريخِ والقانون فقد غرسَ في ابنه حب القراءةِ والتثقف، وسارَ الابن في مراحله التعليمية بنجاح ليتخرجَ في النهاية تخرج مهندسًا زراعيًا يرتحل في الإقليم المصري من محافظة إلى محافظة، وبسبب ذلك أصدرَ كتابًا يصفُ مصر كلَّها شعرًا، وُصف بأنه تحفة أدبية.

 

في عام 1908 تزوج كمال الدين سيدة تجمعَ بين الأصل التركي من ناحية والدها، والأصل المغربي من ناحية والدتها، وشاءَ القدر أن يُولد صالح جودت بمدينة الزقازيق بمحافظة الشرقية في لحظة ما كان أبوهُ يصارع الموت بالمستشفى، فأسمته أمه عبد الرحمن (على اسم أبيها)، ونجح الأطباء في إنقاذ الأب الذي ثار ثورة عارمة، وقام بتغيير اسم ابنه إلى صالح ( يمُّنًا بشقيقه صالح، نجم الأدب والقانون في ذلك الوقت) وأصدرَ إعلامًا شرعيًا بذلك.

 

عادت الأسرة إلى القاهرة، وشهدت السنواتُ الأولى تفوقًا ملحوظًا لصالح جودت إذ بدأ يكتُب تجاربهُ الشعرية في سنّ السابعة مقلدًا شوقي، ثم نالَ الشهادة الإبتدائية قبل أن يكمل العاشرةَ، وهو أصغر من نالها في تاريخها، غيرَ أنهُ فشِلَ في اجتياز السنة الأولى من المرحلة الثانوية لمدة ثلاثة أعوام متتالية بسبب غروره إذ حياه مدير المدرسة في اليوم الأول، وأشاد بتفوقه على الملأ في طابور الصباح، فأصابه ذلك بالغرور الذي أفقده اتزانه وأضاعه لمدة ثلاثة أعوام، وكانت الحسنة الوحيدة هي تعرفه بالموسيقار محمد عبد الوهاب الذي كان معلم الموسيقى بالمدرسة، ومع انتقال أبيه للعمل بالمنصورة ألحقه هناك بالمدرسة الثانوية فعاد إلى التفوق والمحافظة على ترتيب الأول حتى النهاية، وشاء القدر أن يلتقي على أرض المنصورة بأربعة من الشعراء، إبراهيم ناجي (الطبيب)، وعلي محمود طه ( المهندس )، ومحمد عبدالمعطي الهمشري ومختار الوكيل اللذين كانا زميلين لصالح بالمدرسة الثانوية، وراحَ هذا الخماسي يقتنص الوقت كله في الشعر والأدب، وحدث نوع من التلاقي الشديد بين أرواحهم وأخيلتهم، ومع انتهاء الدراسة الثانوية عادوا جميعًا إلى القاهرة ليواصل الشاعران ناجي وطه عملهما، وليلتحق الثلاثة بالجامعة، والتحقَ صالح بكلية التجارة تهرّبًا من الأدب بسبب صدمة تلقاها بعد أن ظل ينشُر ـ وهو في الثانية عشرة ـ لمدة خمسة أعوام، بدأت بقصيدة مديح ليوسف وهبي وفرقته، ونُشرت في ثلاث مجلات معـًا، ثُمَّ حدث أن هوجمت أم كلثوم فكتبَ صالح مقالًا بديعًا في الدفاع عنها وأرسله إلى مجلة الصباح فنشروه بتوقيع الأستاذ الكبير صالح جودت (ربما اختلط عليهم الأمر وظنوا أن المرسل هو عمه، الأديب ورجل القانون الشهير، كان مستشارًا وقتها)، وظلوا ينشرون له أسبوعيًا خمسة أعوام بهذا التوقيع، وفي مرة ذهبَ ليتعرف على رئيس التحرير، فلما رآه رئيس التحرير سأله: فين أبوك يا شاطر؟، فأفهمه صالح أنه هو شخصيًّا صالح جودت الذي يُرسل له المقالات طوال الأعوام الخمسة، فاحتدَ رئيس التحرير ولم يمهله دقيقة وقام بطرده من مكتبه بنوع من الاستهزاء والاستهانة، وكانت الصدمة التي جعلتـه يقـرر الابتعاد عن هذا السلك.

 

شعره

ظهرت عليه علامات النبوغ وبوادر موهبته الشعرية منذ كان طالباً بالمرحلة الثانوية. وتعرف في المنصورة على الشعراء علي محمود طه وإبراهيم ناجي ومحمد عبد المعطي الهمشري حيثُ تصادف إقامتهم فيها إما للعمل أو للدراسة في الفترة من سنة 1927 إلى سنة 1931. وعاصر صالح ثورة 1919، وانفعل بها فصقلت وجدانه وألهبت روحه، فأحب ديوان صالح جودت (جمعية أبوللو)، عام 1932.

 ليالى الهرم، عام 1957.

 أغنيات على النيل، عام 1961.

 حكاية قلب، عام 1967.

 ألحان مصرية، عام 1969.

 الله والنيل والحب، عام 1974.

 

الشعر الحر

وكان صالح من جماعة أبوللو، وكان له رأي في الشعر الجديد قال عنه إنهُ ليس شعراً وليس جديداً، مما أغضب عليه أنصار هذا النوع ممن يطلقون على أنفسهم الشعراء المجددين.

 

السياسة والصحافة

في خلال السنوات الثلاث الأخيرة من عمره انهالت عليه الخصومات من كل حدب وصوب بسب كتاباته السياسية، ولكنهُ كان صادقاً مع نفسه في كل ما يكتب. وكانت له مقوله مشهورة «إني أتكسب من الصحافة لأنفق على الشعر».

 

أعماله النثرية

الرواية

 شريين، عام 1947

 عودة إلى البيت، عام 1957

 وداعا أيها الليل، عام 1961

 الشباك، عام 1972.

 

مجموعة القصص القصيرة

 في فندق الله، عام 1954.

 كلام الناس، عام 1955

 كلنا خطايا، عام 1962

 أولاد الحلال، عام 1972

 أدب الرحلات

 قلم طائر، عام 1965

 أساطير وحواديت، عام 1966.

 

التراجم

 بلابل في الشرق، عام 1966.

 ملوك وصعاليك، عام 1964

  ناجى: حياته وشعره، عام 1965.

 شعراء المجنون.

 لعجوز والبحر، عام 1965.

 سيدتى الجميلة.

 روميو وجوليت، عام 1946.

 

الجوائز والأوسمة

 وسام النهضة الأردنى، عام 1951.

 وسام العرش المغربي، عام 1958.

 وسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى، عام 1959.

 جائزة أحسن قصيدة غنائية في السد العالى، عام  1965

 جائزة الدولة التشجيعية في الآداب من المجلس الأعلى لرعاية الفنون والآداب والعلوم الاجتماعية، عام 1958.

 

أم كلثوم

ذات يوم تأثرت أم كلثوم بكلام اذاعي يحضُ على الصفح والخير ويوضح موقف الإسلام من التفرقة العنصرية، فما كان منها إلا أن طلبت من الشاعر صالح جودت ان يشرُعَ في نظم قصيدة لتنشدها غنائيًا حيث جاء في مطلعها: الواحد الرحمن، من كون الأكوان، ولون الألوان، وأبدع الإنسان، يا أخي في الشرق والغرب سلامًا وتحية، يا أخي من كل لون ولسان وهوية، كل إنسان على الأرض أخي في البشرية. وكان صالح جودت يقول عن علاقة الشاعر أحمد رامي بأم كلثوم أنها «ليس حب رجل لامرأة. كان حب مثل حب الإغريق لآلهة الأوليمب. أول رامي ما عرف أم كلثوم سنة 24 وهو يحس نحوها بنوع من الغيرة السامية. نوع من الرغبة في الصيانة والحراسة».

 

وفاته

رحل صالح جودت في 23 يونيو 1976، وبالرغم من مرور كل هذا الزمن فإن أحدًا لم ينفض الغبار عن تركته الإبداعية الثرية المتنوعة وعلى رأسها الشعر. فهل سيظل إبداع صالح الأديب يدفع ثمن مواقف صالح جودت الإنسان.

 

أجمل أبياته الشعرية

ظمآن

 

أجل ظمآن يا ليلى و ماء الحب في نهركْ

خذيني في ذراعيك و ضميني إلى صدركْ

دعيني أشرب النور الذي ينساب من شعركْ

و روي لهفة الظمآن بالقبلة من ثغركْ

هبي لي ليلة أثمل يا ليلاي من خمركْ

 

ماتت الشجرة

 

واحسرتاهُ، ماتتِ الشجرهْ                                           وتساقطتْ في الظلّ مُحتضَره

أهديتِها لي بعد أنْ عبرتْ                                          ما بيننا أُحدوثةٌ عَطِره

عن قطّة بيضاءَ ناعمةٍ                                              عاشتْ بغاب كلُّه نَمِره

سُكّانُه ازدحمتْ مطامعُهم                                          فيها، وما كانوا بها بَرَره

لكنّها بجميل حِكمتِها                                                 خرجتْ على الأطماع مُنتصره

 

الثلاثية المقدسة

 

رِحَابَ الهُدَى يَا مَنَارَ الضِيَاءْ                                    سَمِعْتُكَ فِى ساعةٍ مِنْ صَفَاءْ

تَقُولُ أَنَا البَيْتْ ظِلْ الإِلَهْ                                            وَرُكْنُ الخَلِيْلِ أَبِى الأنْبِيَاءْ

يُزَكِى بِهَا اللهُ إِيْمَانَكُمْ                                                 وَ يَرْفَعُ هَامَاتِكُمْ لِلسَّمَاءْ

bottom of page